"نحو معلومات مناخية وبيئية خالية من الشوائب" هي مبادرة أطلقها فريق نشرتنا البريدية رادار نيوزليتر (Radar newsletter) تزامناً مع استضافة مصر لقمة المناخ (COP27)، عبر تخصيص إصدارين يصدران قبل وخلال القمة، للتوعية بمواجهة الخلل المعلوماتي في الصحافة العلمية والبيئية وكيفية التمييز بين المصطلحات العلمية والتجهيز لتغطية القمة بطرق مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والأدوات التقنية اللازمة لكشف الفبركات والأكاذيب المتعلقة بمحتوى العلوم والمناخ.
ورادار نيوزليتر (Radar newsletter) هي نشرة بريدية مجانية لتدقيق المعلومات والمحتوى العربي ومساعدة الصحفيين والمدونين في الوصول إلى وسائل وأدوات التحقق من البيانات والوسائط، وكذلك لإطلاعهم على أهم المقالات والتحديثات والأبحاث والشخصيات البارزة والفاعلة في هذا المجال بشكل شهري.
ما الجديد لدينا في الإصدار الخامس من النشرة؟
نحو معلومات مناخية وبيئية خالية من الشوائب (مبادرة رادار)
ماذا يستفيد مروجو المعلومات المناخية المضللة؟ ولماذا يقومون بذلك؟
خمس طرق لمعالجة المعلومات المُضللة في قضايا تغيّر المناخ
PeopleBrowser وSnopes وWolfram Alpha أدواتك للتحقق من المحتوى
فنجان قهوة مع رحمة ضياء: هكذا تجهزت لتغطية قمة المناخ!
مؤسسة مدرسة المناخ: احذروا "الأدب الرمادي" في الصحافة العلمية
(طقس ومناخ. تخفيف وتكيُف. إزالة ثاني أكسيد الكربون وحياد الكربون. نظام بيئي وبُعد بيئي وأثر بيئي. مياه زرقاء وأخرى خضراء، زرقاء، سوداء، رمادية. اقتصاد أخضر واقتصاد منخفض الانبعاث)
رغم أنه يبدو لغير المتخصص أن هناك تشابهاً لفظياً وعلمياً بين تلك المصطلحات فإنهم في الحقيقة مختلفون، وكل منهم له سبيل عن الآخر، وإليكم الفروق عبر قاموس مُصغر أعده فريق (رادار نيوزليتر):
الطقس .. يعرف الطقس بأنه حالة الجو اليومية التي ترصد من خلال هيئات الأرصاد المحلية.
المناخ.. المناخ هو متوسط معدلات الطقس في مدة طويلة نوعًا ما، لا تقل عن 11 عامًا.
التخفيف.. تخفيف تغير المناخ ومنعه من التدهور من خلال التدخل البشري لتقليل الانبعاثات أو تعزيز التخلص من غازات الاحتباس الحراري عبر الطاقة الشمسية والرياح بدلًا من الفحم أو الوقود الأحفوري.
التكيُف.. إجراء تغييرات للتعايش مع آثار تغير المناخ الفعلي أو المتوقع والتعامل مع آثاره من أجل تقليل الضرر أو استغلال الفرص المفيدة.
إزالة ثاني أكسيد الكربون.. يعني إخراج ثاني أكسيد الكربون من الهواء الذي يتزايد منذ سنوات، ويتم إخراجه عبر عمليات تزيله من الغلاف الجوي عبر زراعة النباتات أو عمليات تنظيف كيماوية تلتقط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء.
حياد الكربون.. يعني "الحياد الكربوني" وهو أن يكون حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر متساويًا مع حجم إزالة ثاني أكسيد الكربون، الذي يقوم به البشر خلال فترة زمنية محددة.
النظام البيئي.. مساحة طبيعية تضم جميع الكائنات الحية التي تعيش في بيئة معينة، إضافة إلى العناصر المادية غير الحية، مثل المياه والهواء والحرارة والتربة، التي تتفاعل معها هذه الكائنات.
الأثر البيئي.. هو الأثر المباشر أو غير المباشر الذي يحدثه أي نشاط أو منتج أو خدمة على البيئة في إطار عمل منظمة معينة سواء أكان نافعًا أم ضارًا.
البُعد البيئي.. الأبعاد البيئية المهمة هي العناصر التي يمكن أن تتفاعل مع البيئة من أي نشاط أو منتج أو خدمة يمكن أن يكون لها أثر بيئي ملموس.
استدامة بيئية.. هي الحفاظ على إنتاجية الموارد الطبيعية الضرورية للحياة أو تحسينها، بحيث تستفيد منها أجيال المستقبل، كتوفير إمدادات المياه والغذاء، والحماية من الفيضانات، وإدارة النفايات وغيرها.
المياه الزرقاء.. هي المياه السطحية والجوفية المتاحة للري والاستخدام الحضري والصناعي والتدفقات البيئية.
المياه الخضراء.. هي كمية الأمطار التي تخزن في التربة وتساعد في نمو النباتات.
المياه السوداء.. هي تلك المنصرفة من المراحيض والنفايات.
المياه الرمادية.. تأتي من المخلفات السائلة الناتجة من الاستخدامات الشخصية والمنزلية، كمياه الاستحمام، والمطابخ والمغاسل، وتشمل مخلفات المراحيض.
اقتصاد أخضر.. هو اقتصاد يحد من المخاطر البيئية، وهو الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية البيئية، ورفع مستوى المواطن الفقير بهدف المساعدة في التنمية المستدامة في اقتصاد الدول، اعتمادًا على الموارد الطبيعية داخل حدود الدولة.
اقتصاد منخفض الانبعاثات.. اقتصاد يعتمد على مصادر طاقة منخفضة الكربون والانبعاثات الضارة، واستبدال الوقود الأحفوري الذي يعتمد على البترول والفحم وما شابه ذلك، ويعطي غازات حبيسة، بطاقة متجددة.
تمويل العمل المناخي.. هو التمويل للقضاء على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتمويل مشروعات الطاقة المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية.
تمويل إنمائي.. هو التمويل بغرض التنمية، ويكون بعوامل لا تزيد من الانبعاثات الضارة للبيئة، بل تقللها وتستخدم فيها الطاقة المتجددة.
تنمية مستدامة.. هي تحسين الظروف المعيشية لكل فرد في المجتمع، وتعظيم موارد الدولة بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، ينتج عنها انحسار الملوثات الموجودة في الغلاف الجوي، دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها.
تنمية خضراء.. تشجيع النمو الاقتصادي مع تخفيض الانبعاثات الدفيئة، والتي تستهدف زيادة الإنتاج دون الإخلال بالنظام البيئي.
* ماذا يستفيد مروجو المعلومات المناخية المضللة؟ ولماذا يقومون بذلك؟
- تمامًا مثل أي شيء تراه على وسائل التواصل الاجتماعي، عليك أن تكون حريصًا فيما يتعلق بأخبار الطقس والمناخ، فهذه الوسائل، قد تكون أداة مفيدة للغاية لإيصال المعلومات إلى الكثير من الأشخاص في فترة زمنية قصيرة، لكنها في الوقت ذاته، جعلت من السهل على أي شخص لديه لوحة مفاتيح أن يصبح عالم أرصاد جوية، فلماذا يقومون بذلك؟
ينشر بعض المستخدمين هذه الأخبار من أجل التفاعل أو جمع المشاهدات لصفحاتهم، قد يبدو هذا غير ضار على المدى القصير، لكنه على المدى الطويل، يدفع المشاهدين للتشكيك في كل ما هو حقيقي مقابل تعزيز الزائف من الأخبار والمعلومات حول الطقس والمناخ.
أحيانًا يشكل ذلك أمرًا خطيرًا في علاقة بالطقس، وربما يؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بمتلقي الأخبار في حال كانت زائفة. فمن السهل أن تشعر بالذهول عندما ترى منشورًا على "فيسبوك" أو "تويتر" لتوقعات الطقس خلال فصل الشتاء، حول قدوم عاصفة ثلجية أو توقعات بموجات حرارة طويلة خلال الصيف أو حين تشاهد صورًا أو مقاطع فيديو تحتوي على الكثير من المبالغة فيما يتعلق بحالة جوية معينة.
فى مطلع العام الجاري وتحت عنوان "صور الطقس المزيفة المفضلة"، عرض موقع Weather.com، أهم الصور والفيديوهات التي يقوم مروجو الأخبار الزائفة باستخدامها بشكل متكرر في كل حدث كبير للطقس؛ وهدف الموقع، توعية الجمهور بأهمية التحقق مما يتابعونه حول الطقس قبل مشاركته أو تصديقه.
ونوه مقال بعنوان "بعض تنبؤات الطقس الفيروسية عبارة عن أخبار مزيفة - سببان يجب إيقافهما الآن"، منذ سنوات، إلى ضرورة أن يتم وقف الأخبار الزائفة حول الطقس لسببين، الأول أنها تخلق التضليل والارتباك بين الناس. والثاني أن تنبؤات الطقس المزيفة تُعرض الجمهور للخطر.
خمس طرق لمعالجة المعلومات المُضللة في قضايا تغيّر المناخ
في مقال ترجمته منصة مسبار عن موقع أخبار الأمم المتحدة، بعنوان "خمس طرق لمعالجة المعلومات المُضللة في قضايا تغيّر المناخ"، طُرح خمس طرق يمكن للصحافة استخدامها في دعم العمل المناخي ومحاربة المعلومات المُضللة، وذلك بالاعتماد على تجربة السيد أندرو ريفكين، الذي عمل مع مؤسسات إعلامية مشهورة مثل "The New York Times" و "National Geographic" و "Discover Magazine"، وهو أحد الصحفيين المعنيين بالبيئة والمدير المؤسس للمبادرة الجديدة حول الاتصال والاستدامة في معهد الأرض بجامعة كولومبيا، إلى جانب خبرة اليونسكو والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ:
1 - توقّف عن كونك دراميًا بشكل مفرط
يُسلط السيد ريفكين الضوء على "الزاوية الدراميّة" في نقل المواد الإخبارية، ويقول "إنّها تجلب مزيدًا من النقرات، ولكن لو كانت زيادة النقرات تُمثل مقياس النجاح في الصحافة البيئية، إذًا نحن محكوم علينا بالفشل، لأنّ ما نريده حقًا هو بناء تفاعل مع القراء والخبراء حتى نكون وسطاء أو صحفيين في شركات إعلامية حتى نصبح أدلة موثوقة للجمهور والقراء".
2 - قصة تغيّر المناخ تتجاوز المناخ
إنّ الجزء الرئيسي للابتعاد عن الكآبة وإلهام التفاعل مع القُراء وخبراء العلوم هو إدراك أنّ تغيّر المناخ ليس مجرد قصة فحسب، بل هو السياق الذي ستنتشر فيه العديد من القصص الأخرى. يُجادل ريفكين "إذا بدأت يومك بالتفكير في أسئلة مثل كيف يمكن الحد من تقليل مخاطر المناخ والطاقة؟، وكيف يمكن تحديدها ومساعدة المجتمعات على التعامل معها؟ فإنّ ذلك سيؤدي إلى التغيير نحو الأفضل. بإمكاني الاستمرار في كتابة مواد إخبارية تُحذّر من مدى تقدم الاحتباس الحراري أو كيف سيكون هذا العام الرابع الأكثر سخونةً في التاريخ، وهذا جزء مما تفعله الصحافة، لكنه لا يساهم بتاتًا في الحد من مخاطر الاحتباس الحراري.
3 - كُن محليًا وفكّر بعمق في العدالة المناخيّة
يُؤكد ريفكين، أنّ قرارات الطاقة والضعف المناخي هي إلى حد كبير دالة على الظروف المحليّة، مما يعني أنها جزء أساسي من القصة. ويقول "على سبيل المثال، يُركز مشروع إسناد الطقس العالمي على إجراء تحليل سريع لمدى مساهمة الاحتباس الحراري في الكارثة الأخيرة في باكستان. وقد ركّز الصحفيون على تغيّر المناخ كونه أمرًا هامًا، ولكن احتوت كافّة التقارير على قسم يتعلّق بالدوافع الأخرى للخسارة، مثل كيفية أماكن توطين الفئات السكانية المتضررة، والسياسات الحكومية المتعلقة بكيفية التعامل مع سدود المياه، والبنية التحتية السيئة للغاية".
4 - بناء جسور الثقة والمشاركة التي يُمكن أن تساهم في مكافحة المعلومات المُضللة
وفقًا لريفكين، فإنّ خلق طرق بسيطة للحصول على صياغة المخاطر في قصص الصحفيين ستكون أداة رئيسية لمكافحة المعلومات المُضللة. ويقول "أنتَ تبني الثقة، وتبني أساليب المشاركة، وتتغلّب على فكرة أنّها خدعة لأنك تتحدث عن المخاطر. ستظهر دائمًا حجج أيديولوجية، تمامًا كما هو الحال مع اللقاحات المضادة لفايروس كوفيد-19. أحد أقربائي لم يحصل على أيّ من اللقاحات، ولكنّي معجبٌ بقراره، ولن أقوم بكتابة مادة إخبارية أو قصة عنه. لذلك، يجب التفكير على المستوى المجتمعي".
5 - استرشد بالعلم واعتنق "نعم"
أكّد الصحفي ريفكين، أنّه بالنظر إلى أكثر من 30 عامًا من تجربته، فإنّ قضية حماية البيئة استمرت لعقود مؤطرة بكلمة "توقف" مثل "توقف عن التلوث"، "توقف عن التكسير"، ولكنها قد تحولت الآن إلى دعوة للنشاط وتمّ ربطها بكلمة "ابدأ".
أضاف ريفكين "في الولايات المتحدة على سبيل المثال، هنالك الآن 370 مليارًا مخصصة للإنفاق على مدار العشر سنوات القادمة على الطاقة النظيفة، ولكن كيف يحدث ذلك بعد عقود من "التوقف"؟ كيف يمكن أن نحصل على المزيد من خطوط النقل؟ كيف نفعل ذلك بطريقة مخصصة فقط للأشخاص الذين يميلون إلى أن يكونوا مكان الدفن الخاص بالبنية التحتية؟ هذه هي القصة الإخبارية باختصار، إنّها قصة "بداية"، قصة "نعم"، إنه نشاط للصحفيين، حيث كان من السهل جدًا كتابة القصص المروعة".
منصة وموقع ومحرك بحث.. 3 أدوات مجانية للتحقق من المحتوى
منصة PeopleBrowser
تُتيح مراقبة وجمع الأخبار وأحداث الإعلام الاجتماعي طِبْقًا للزمان والمكان، ويمكن تنقية هذه الأخبار وَفْقًا لمصداقيتها.
موقع Snopes
يكشف الأخبار الزائفة المنتشرة على الإنترنت، ويمكن استخدامه للتحقق من المحتوى الذي ينشئه المستخدمون.
Wolfram Alpha
هو محرك بحث علمي يساعد على تحديد الموقع الجغرافي والطقس
فنجان قهوة مع رحمة ضياء:
- هكذا تجهزت لتغطية قمة المناخ!
- تجنبوا "الأدب الرمادي" في الصحافة العلمية
رحمة ضياء هي صحفية ومدربة مصرية مستقلة ومؤسسة مبادرة "مدرسة المناخ"، تعمل في الصحافة منذ أكثر من 10 سنوات، حصلت على عدة جوائز محلية ودولية أبرزها جائزة هيكل للصحافة العربية عام 2019 وجائزة "تغطية المناخ الآن" الدولية عام 2021، قدمت عدة تدريبات في صحافة البيئة وتغير المناخ بالتعاون مع عدة جهات منها مبادرة أخبار جوجل، اتحاد إعلاميات مصر، مؤسسة الصحافة الإنسانية.
* في البداية، ما أهمية تدقيق المعلومات في الفترة الراهنة بالنسبة لكِ بشكل عام وفي مجال الصحافة العملية والبيئة بشكل خاص؟
- تدقيق المعلومات أمر في غاية الأهمية في كل وقت وأحد أهم واجبات الصحفي؛ حتى لا يسهم دون قصد في نشر الأخبار الزائفة والمغلوطة، وتزداد أهميته في مجال الصحافة العلمية والبيئية بشكل خاص حتى يتجنب الصحفي ما يعرف بـ"الأدب الرمادي" والمقصود به المعلومات التي تعدها منظمات أو أفراد لا يزاولون نشر الأبحاث العلمية بوصفه نشاطهم الأساسي مثل التقارير الصادرة عن منظمات رسمية أو منظمات غير حكومية أو البيانات والنشرات الإخبارية والمؤتمرات، فمن الوارد أن تكون هذه المعلومات غير محدثة أو قد لا تكون دقيقة علميا أو قد تكون مبنية على ترجيحات من أفراد أو من خلال جمع بيانات من أخبار الصحف، ومن ثم فهي لم تخضع للمراحل والخطوات التي تمر بها أي دراسة أو مقالة علمية يمكننا أن نعتمد بثقة على ما يرد فيها من أرقام ومعلومات.
ولمن لا يعرف فإن نشر مقالة أو دراسة علمية يتطلب ما يلي: إجراء الباحث لتجربة ووصفها في مقال ثم تسليمه لمجلة علمية تقوم بدورها بإرسال المقال إلى الخبراء المتخصصين (الأقران) لاستعراض المقال ومراجعته وإبداء تعليقاتهم، ومن ثم يقوم الباحث بأي تغييرات لازمة قبل نشر المجلة العلمية للمقال. ولهذا إذا كنت في مؤتمر وسمعت مصدرا مهما بلغ منصبه يذكر رقما فعليك أن تتحقق أولا من مصدر هذا الرقم ومدى دقته ولا تكتف بنشر الرقم وإنسابه لهذا الخبير أو ذاك المسؤول.
* ولماذا وجهت تخصصك لاحقًا إلى الاهتمام بصحافة البيئة والمناخ؟
- توجهت لصحافة البيئة والمناخ في عام 2018 وحدث ذلك عن طريق المصادفة، بدأت بالعمل على تحقيق استقصائي عن مصانع الأسمنت التي تستخدم الفحم في الصناعة والتأثيرات البيئية والصحية على السكان المجاورين للمصانع واكتشفت وقتها أن فكرتي عن صحافة البيئة والمناخ كانت "غير منصفة". وأن صحافة المناخ بإمكانها أن تقدم محتوى شيقا وجذابا وإنسانياً وليست بالضرورة مادة جافة وموجهة لجمهور متخصص، وفكرت وقتها أن وظيفتي كصحفية وأهم تحد بالنسبة لي أن أحول المادة العلمية المعقدة إلى مادة بسيطة وسهلة الفهم ومرتبطة بحياة الناس اليومية وقصصهم، وهذا من شأنه أن يجذب الناس للقراءة، وأثبتت هذه الفكرة نجاحها.
* إلى أي مدى وصل انتشار ثقافة تدقيق المعلومات في مصر والوطن العربي، خاصة في ظل عدم وجود مواد للتربية الإعلامية؟
- هناك عدد من المبادرات والمواقع المحدودة على مستوى العالم العربي لتدقيق المعلومات وتصحيح الأخبار المغلوطة مثل "صحيح مصر" و"فتبينو"، وقبل نحو عام تم تدشين شبكة لمدققين الحقائق العرب، بالإضافة إلى تقديم جهات مختلفة دورات تدريبية للصحفيين لتدقيق الحقائق، وهي جهود مشكورة ونحتاج إلى المزيد منها.
* ما النصائح المتعلقة بالتحقق التي يمكن أن تقدمينها للصحفيين في عملهم اليومي في مجالات الصحافة العلمية والبيئية؟
- أقابل كثيرًا من التقارير تتضمن أرقاما غير منسوبة لمصدر أو مستندة إلى تقارير ودراسات قديمة على الرغم من وجود أرقام مُحدثة صادرة عن نفس الجهة أو جهات أخرى، ويحدث هذا أحيانًا نتيجة نقل الصحفي الرقم أو المعلومة من خبر أو تقرير سابق منشور دون الرجوع للمصدر الأصلي للرقم أو المعلومة، ولهذا أنصح بعدم ذكر أي رقم أو معلومة دون إسنادها إلى مصدرها وذكر تاريخ نشر التقرير أو الدراسة، ويفضل وضع رابط يمكن للقارئ الرجوع إليه، والتأكد من أن عدم وجود معلومات وأرقام محدثة عن هذا الموضوع تم إغفال ذكرها.
الانتباه كما ذكرنا سابقا لمسألة "الأدب الرمادي" والتحقق من المعلومة من أكثر من مصدر، والإلتفات لمدى دقة الأرقام التي يعلن عنها خلال المؤتمرات أو النشرات والبيانات والسؤال عن الآلية التي جمعت بها هذه البيانات.
الالتفات إلى مسألة تضارب المصالح في بعض الدراسات من خلال الرجوع لمصادر تمويل الدراسة، فأحيانا تقوم شركة أو مؤسسة تروج لمنتج معين بإجراء دراسة بهدف تعزيز مصالحها، وعلينا أن نكون منتبهين لهذه المسألة، وإذا كان لدينا بديل آخر يفضل أن نعتمد عليه في هذه الحالة، أو على الأقل ننبه القارئ لهذا الأمر.
تقديم شرح مبسط للمصطلحات العلمية والمصطلحات المتخصصة حتى لا يلتبس على القارئ الفهم.
* ما أهم التجارب الصحفية والشخصية التي نالت إعجابك في الصحافة العملية والبيئية وكذلك في مجال "تدقيق الحقائق".. ولماذا؟
- هناك عدة مواقع تقدم تقارير علمية وبيئية شيقة ومتقنة في مصر مثل النسخة العربية لمجلة ساينتفك أمريكان (للعلم) وموقع "سايس ديف"، وهناك مواقع متخصصة في تغير المناخ مثل "أوزون" وعلى المستوى العالمي هناك تجربة "كلايمت تراكر"، وكلها تجارب رائدة وتطبق مفهوم تبسيط العلوم وأنسنتها.
في مجال تدقيق الحقائق هناك منصة "فتبينو" لتدقيق الحقائق وهي منصّة عربيّة مستقلة، انطلقت عام 2014، متخصصة في مجال التحقق من المعلومات، تهدف إلى تنقية المحتوى العربي من الأخبار الكاذبة.
* إذا كنتِ تفضلين إخبار الصحفيين على أداة أو طريقة سهلة وبسيطة لتدقيق عملهم في الصحافة العملية والبيئية، فما هي؟
- ببساطة عدم نقل المعلومة عن مصادر ثانوية والرجوع دومًا للمصدر الأصلي للمعلومة، وهذا يتطلب إتقان مهارات البحث ومعرفة المواقع الموثوقة التي يمكن الحصول من خلالها على بيانات حول البيئة وتغير المناخ، وإجادة اللغة الإنجليزية أو الاعتماد على الترجمة؛ لأن كثيرًا من المصادر في الصحافة العلمية والبيئية سواء كانت تقارير أو دراسات تكون باللغة الإنجليزية.
* بماذا تحلمين؟
- أطلقت قبل عام مبادرة "مدرسة المناخ" لدعم الصحفيين العرب العاملين في مجال صحافة البيئة وتغير المناخ، وهي مبادرة تطوعية بالكامل نقدم من خلالها تدريبات مجانية عبر الإنترنت، ونشارك الفرص والمنح ونساعد الصحفيين على التشبيك مع المنصات والمصادر وغيرها من الخدمات المجانية، وأتمنى أن تجد هذه المبادرة الدعم اللازم حتى نستطيع تقديم المزيد من الخدمات والتدريبات.
* بشكل أكاديمي، هل المواد التعليمية والمناهج العربية تتواكب مع احتياجات الصحفيين والمدققين خاصة في المجال العلمي والمناخي؟
- لا يوجد سوى عدد محدود جدًا من الجامعات في مصر التي تقدم مقررات دراسية عن صحافة البيئة والمناخ أو تدقيق الحقائق ونحتاج إلى إضافة منهج صحافة البيئة والمناخ كمادة أساسية لكليات الإعلام، بالإضافة إلى التدريبات العملية للطلاب حتى يصبح لدينا في المنطقة العربية أجيال جديدة من الإعلاميين المتسلحين بالمعرفة والعلم والأدوات والمهارات الضرورية لهذا النوع من الصحافة المتخصصة.
* احكي لنا التحديات التي واجهتك في بداية عملك في الصحافة العلمية والبيئية؟ وكذلك حينما شرعتي في تأسيس مدرسة المناخ؟
- لم يكن هناك اهتمام كبير من قبل المنصات المحلية بهذا النوع من الموضوعات حين بدأت في التخصص في هذا المجال قبل نحو 5 سنوات، وكذلك لم تكن هناك دورات تدريبية متخصصة على المستوى المحلي وكان التحدي بالنسبة لي هو المنافسة على المستوى الدولي للفوز بفرصة تدريب أو منحة إنتاج، الوضع تحسن كثيرا بالطبع حاليا مع زيادة الاهتمام بصحافة البيئة والمناخ، خاصة مع بداية العام الحالي والاستعداد على مستوى مختلف القطاعات لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP27).
التحدي الذي يواجهني في مدرسة المناخ هو إيجاد شراكات مع جهات أخرى تدعم التدريبات والخدمات التي نقدمها حتى نستطيع تقديم المزيد وعمل تدريبات وجاهية تستهدف عددًا أكبر من الصحفيين المصريين والعرب ونحافظ على هدفنا من المبادرة أن تظل تقدم خدماتها بالمجان للصحفيين العرب.
* كيف تتجهزين لتغطية قمة المناخ في شرم الشيخ.. القراءات والأدوات والتخطيط؟
- بدأت بالفعل التغطية وهي تنقسم لثلاث مراحل، الأولى: هي التغطية الاستباقية وترتكز على التقارير التي تشرح للقارئ المصطلحات الخاصة بمؤتمر الأطراف والاتفاقيات المرتبطة به والهدف منه وتاريخه وما تم الاتفاق عليه في قمة جلاسكو، التي عقدت في المملكة المتحدة العام الماضي، والملفات المنتظر مناقشتها العام الحالي والأيام الموضوعية التي حددتها مصر والهدف من كل منها وغيرها من المواضيع التمهيدية الشارحة.
المرحلة الثانية خلال القمة ويمكن تقسيمها أيضا لجزءين، الأول: هو التغطية والمتابعات الخاصة بالمنطقة الزرقاء، حيث الوفود الرسمية والمسؤولين والمفاوضات والتقارير الرسمية، والثاني: الأنشطة والجلسات التي تعقد في المنطقة الخضراء الخاصة بالمجتمع المدني والعلماء والنشطاء والشباب.
المرحلة الثالثة ما بعد القمة وتتضمن التقارير التلخيصة لأبرز ما تم الإتفاق عليه، وتقييم الخبراء والمشاركين للقمة، وكيف سيتم تعبئة التمويل اللازم لتنفيذ الخطط المتفق عليها وغير ذلك.
تحتاج كل مرحلة للقراءة والفهم الجيد لكل المصطلحات المتعلقة بالقمة ليسهل شرحها وتقديمها للقارئ ومعرفة الخلفيات اللازمة والمتابعة الدورية للمستجدات التي يعلن عنها من خلال الموقع الذي أطلقته مصر للقمة وموقع unfccc.
أقوم كذلك بحكم عملي كصحفية مستقلة بإرسال مقترحات للمنصات التي أتعاون معها، حتى يكون لديّ خطة عمل واضحة خلال القمة من الصعب تغطية كل الفعاليات والجلسات، ولا بد أن تحدد بشكل مسبق مجالات اهتمامك والجلسات التي تريد متابعتها وتجمع التقارير والدراسات والخلفيات المعلوماتية اللازمة عن كل تقرير حتى تكون التغطية سريعة قدر الإمكان خلال القمة.