“رادار نيوزليتر” هي نشرة بريدية مجانية لتدقيق المعلومات والمحتوى العربي ومساعدة الصحفيين والمدونين في الوصول إلى وسائل وأدوات التحقق من البيانات والوسائط، وكذلك لإطلاعهم على أهم المقالات والتحديثات والأبحاث والشخصيات البارزة والفاعلة في هذا المجال بشكل شهري وانطلقت في أول إصداراتها بدعم من المركز الدولي للصحفيين (icfj).
ما الجديد لدينا في النشرة؟
شيرين أبوعاقلة والروايات المضللة للاحتلال الإسرائيلي -
كيف قادنا التحقق لشقيق مزيف لـ"شيرين أبوعاقلة" على "تويتر" -
هل غطّت الصحف الغربية حادثة مقتل أبو عاقلة بمهنيّة؟ -
فنجان قهوة مع أحمد عصمت: تدقيق المعلومات ليس مجرد "موضة" -
هل لا زال التحقق من ملفات الفيديو مسألة أكثر صعوبة؟ -
خطوات من " المحررين المصريين" قد تسهل عليك عملية التحقق -
استشهدت الصحفية شيرين أبو عاقلة، مراسلة شبكة الجزيرة في فلسطين، برصاص قناص إسرائيلي صباح يوم الأربعاء 11 مايو الماضي، خلال تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين.
وتصدَّرت الأخبار المُتعلقة بمقتل شيرين أبو عاقلة لشهر مايو 2022 روايات مضللة روجت لها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتصريحات متناقضة للجيش الإسرائيلي بشأن مقتلها، وعن هروب الاحتلال من المسؤولية، بالإضافة إلى سؤال بارز وهو "هل غطّت الصحف الغربية حادثة مقتل أبو عاقلة بمهنيّة؟"
ماذا وجدنا؟
وصل عدد القصص والمواد المفبركة حول اغتيال شيرين أبو عاقلة 10 موضوعات، حيث كان من أبرز الشائعات التي انتشرت عن حادثة مقتل شيرين، خبر مفاده أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقل قاتل الصحافية أبو عاقلة في عملية أمنية في مخيم جنين. وصورة تم تداولها بشكل واسع للصحافية الفلسطينية شذا حنايشة على أنّها لشيرين أبو عاقلة قبل استشهادها، وفيديو قديم قيل إنّه من العشاء الأخير لأبو عاقلة قبل مقتلها. فيما تداول مستخدمون ادعاء يفيد بدفن جثمان شيرين أبو عاقلة دون تشريح ودون إجراء كشف الطب الشرعي، بحسب المدونة والتحقق فى “مسبار”.
كعادة أي حدث في العالم العربي أو خارجه، يفاجأ الكثيرون بحسابات على تويتر لأقارب أو أصدقاء لأي شخص يكون محور الأحداث سواء كانت سلبية أو إيجابية، وفي الشهر الماضي برز حساب غامض بعد مقتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة قرب جنين، وهو يحمل اسم "محمد أبو عاقلة" ويُقدِّم نفسه على أنه شقيق شيرين أبو عاقلة، ولاحظ فريق التحقق في "فرانس 24" عدة نقاط لا تتماشى مع هذه الرواية المزعومة واتضح أنه لا وجود له لا في الواقع ولا في الفضاء الافتراضي.
التفاصيل في هذا الفيديو
هل غطّت الصحف الغربية حادثة مقتل أبو عاقلة بمهنيّة؟
بعد التصريحات الإسرائيلية عن مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، تداولت الصحف الغربية الخبر بشكل قد يتجاوز أبجدياته المعهودة في اللغة الصحفية والإعلامية المهنية إلى الانزلاق لما يمكن وصفه بالانحياز إلى جانب الرواية الإسرائيلية، حيث جاء في عنوان الخبر الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز فور حادثة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة "مراسلة الجزيرة تُقتل في الضفة الغربية"، وعنونت الشبكة الألمانية دويتشه فيله DW الخبر كالتالي "مراسلة الجزيرة تتلقى رصاصة قاتلة في الضفة الغربية المحتلة".
إلى ذلك عنون موقع فوكس نيوز خبر مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة "وفاة مراسلة الجزيرة في نزاع مسلح بالضفة الغربية".
واعتبر "مسبار" أن هذا التبني لصيغة المجهول في تحرير عنوان الخبر، وإغفال هوية الفاعل، رغم ورود معلومات من شهود العيان في الميدان تؤكد شكل الجريمة الواقعة هناك، قد يكون كافيًا لإظهار الانحياز التي غلّبته تلك الصحف عبر "تجهيل" مصدر الرصاصة التي أصابت رأس الصحفية أبو عاقلة.
هذا الشكل من الانحياز يُطلق عليه "انحياز بالحذف الاختياري Bias by Omission"، حيث يعمد الصحفي أو محرر الخبر في اتباع هذه الآلية بشكل قصديّ لمسح وإخفاء بعض الحقائق التي تؤيد وجهة نظر بعينها لأحد الأطراف، بهدف جعلها ضعيفة في مقابل وجهة النظر الأخرى، كما لم تسلم حادثة مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة من الترويج للبروباجندا الإسرائيلية، ففي تغطية جنازتها، عنونت شبكة بي بي سي البريطانية، مشهد اعتداء شرطة الاحتلال على الجنازة بـ "العنف الذي اندلع خلال التشييع" من دون ذكر الطرف المعتدي في عنوان الخبر.
على الصعيد ذاته، تمسكت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية بالإشارة إلى الرواية الإسرائيلية التي قالت إنّ أبو عاقلة تعرّضت لهجوم فلسطيني مسلّح، وردّت بإطلاق النار، وأشارت "ذي إندبندنت" إلى ما جاء في بيان الخارجية الإسرائيلية، الذي قال إنّ الإرهاب الفلسطيني أطلق النار عشوائيًا وفق تعبيره، وأصاب المراسلة أبو عاقلة، ولم تتوان الصحيفة عن إظهار أسفها تجاه مقتل "المراسلة المجتهدة في تغطية الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، بيد أنّ أسفها لم يكن مصحوبًا بأيّ إشارة أو إدانة لقوات الاحتلال الإسرائيلي للتسبب بمقتلها، بل اكتفت بإلقاء اللوم على نيران مجهولة المصدر، حسب وصفها.
من جانبها، قالت الشبكة الألمانية دويتشه فيله في خبر رئيسي، إنّ "عباس يرفض تحقيقًا مشتركًا، وإسرائيل قد بدأت بالفعل تحقيقًا شاملًا". وعلى الرغم من جميع الأدلة والوقائع التي تؤكد مقتلها من قبل القوات الاسرائيلية إلّا أنها بدأت الخبر بما يلي "قُتلت شيرين أبو عاقلة بعيار ناري في الرأس في جنين أمس الأربعاء واتهمت قناة الجزيرة وقطر القوات الإسرائيلية باغتيالها، وهو ما رفضته إسرائيل التي أعلنت بدء تحقيق لـ "معرفة الجاني"، وتقول "إنّ مسلّحًا فلسطينيًا ربما أطلق النار على المراسلة" خلال اشتباكات في جنين. وفي هذا الإطار رجّح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن يكون مسلحون فلسطينيون كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي هم المسؤولون عن قتل أبو عاقلة".
هذا التناول يمكن اعتباره في أحد أوجهه منحازًا للجانب الإسرائيلي، عبر التركيز على روايته وتهميش الرواية المقابلة، وإظهارها فقيرة لا تحمل أدلة كافية لإدانة الجاني، وبدون الأخذ بالاعتبار، روايات شهود العيان وقت الحادثة، إضافة إلى التحقيق الذي أجرته شبكة الجزيرة فور الحادثة، زمنيًا ومكانيًا وموضوعيًا. ومهنيًا يُعدّ هذا الشكل من الانحياز "انحيازًا باختيار القصص Bias by Story Selections"، وهو شكل يتعمّد الإغفال برغم قدرته على معرفة الأجندتين المختلفتين، إلا أنّه يضيء على قصة خبرية مطابقة لأجندة الجانب المنحاز إليه، مع التعتيم على قصة الجانب الآخر.
الأمر الذي يدفعنا للتساؤل حول الخط الفاصل بين تبني الحياد والانزلاق إلى حالة الانحياز. إذ يعدّ الانحياز الإعلامي، مشكلة ترتبط بمعايير كالنزاهة والتحرّي والدقة في نقل الخبر.
هل مازال التحقق من ملفات الفيديو مسألة أكثر صعوبة؟
التحقق من ملفات الفيديو مسألة أكثر صعوبة من أية مواد أخرى، ولكن هناك بعض الأدوات التقنية المتاحة التي تساعد على هذه المهمات بحسب الأستاذ إيهاب الزلاقي، مثل أداة
https://citizenevidence.amnestyusa.org/
التي تكشف البيانات المتعلقة بملف الفيديو، هناك أيضًا أداة InVid الحديثة التي تأتي على شكل إضافة لمتصفح كروم أو فايرفوكس وتقدم مجموعة أساليب متطورة لاختبار مدى أصالة وصحة الفيديو.
فنجان قهوة مع أحمد عصمت:
ضيف نشرتنا هو الأستاذ أحمد عصمت، رائد أعمال في مجال الإعلام، أسس وأدار عدة مشروعات إعلامية مثل مجلة "اليكس أجندة" و"راديو محطة الرمل" و"جريدة أمواج"، كما أنه محاضر أكاديمي مهتم بالتربية الإعلامية والخلل المعلوماتي وتكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي، كذلك شارك في تأسيس أكاديمية صحفيي البحر المتوسط ومقرها السويد.
في البداية، ما أهمية تدقيق المعلومات في الفترة الراهنة بالنسبة لك؟
- جئت على خلفية "ميديا بيزنس" واهتممت بالتحليل والتربية الإعلامية والتكنولوجية ودرست كل هذه المجالات وقمت ببناء مقررات متطورة تغطي تلك الموضوعات لكن ظلت أمامي أجزاء مبهمة وغير واضحة، وهي أجزاء التدقيق والتصحيح للمعلومات أو التحري عن "الأخبار الكاذبة" أو الخلل المعلوماتي وذلك منذ عام 2015 وانتهت الانتخابات الأمريكية 2016 بفوز ترامب وبدأ ظهور خلل معلوماتي واضح وأكاذيب وشائعات وبدأت التحري والبحث عنها، وعلى الرغم من وجودها منذ زمن إلا أن مع انتشار متابعة "السوشيال ميديا" كان لا بد من التحذير من خطورة تداول المعلومات غير الصحيحة وضرورة تدقيق المعلومات، فهناك ثورة تكنولوجية، والجميع يدور في فلك المعلومات، وهو المصطلح الأدق من تدقيق الحقائق، وهو أمر في غاية الأهمية وليس في مصر فقط، بل في العالم كله، الذي يتعرض يوميًا لسيل كبير من المعلومات بعضها صحيح وبعضها غير مدقق، فكان لا بد من البحث حول المعلومات التي تأخذ حيز وقت وجهد من الناس. وعقدنا دورتين من منتدى الإسكندرية للإعلام حول هذا الموضوع واستقطبنا خبراء دوليين لعمل ورش عمل مكثفة للصحفيين والإعلاميين العرب بالإسكندرية بالمعهد السويدي وبالقاهرة بالتعاون مع مركز كمال أدهم للصحافة التليفزيونية والديجتال بالجامعة الأمريكية.
إلى أي مدى وصل انتشار ثقافة تدقيق المعلومات في مصر والوطن العربي؟
- تدقيق المعلومات في مصر له مبادرات، لكن لم يكتب لها الكمال، وليس في مصر فقط، بل في الوطن العربي بأكمله، وتحتاج إلى رفع جودتها واستكمالها بعدد أكبر من المشاركين، وألا يكون على سبيل "الموضة"، لأن هذا يمثل خطورة، وأن يعود الصحفيون والإعلاميون من جديد إلى صميم عملهم، وهو التدقيق للمعلومات وهذا المجال يحتاج إلى الاستمرارية.
ما النصائح التي يمكن أن توجهها للصحفيين في عملهم اليومي؟
- أنا لا أنصح، لكن لا بد أن يعود العمل الصحفي إلى طبيعته الأساسية وألا ينشر صحفي معلومة لا يفهمها دون تدقيق، فنشر البيانات كما هي لا يعتبر عملاً صحفياً، والأخبار تحتاج إلى تدقيق ونعود إلى الصحافة العميقة التي تعتمد على شرح وتوضيح المصطلحات المختلفة، وكذلك وجود حوارات بين القارئ والصحافة، فالإعلام تطور في العالم بأسره في الصحافة "الديجيتال" لذلك يجب متابعة هذا التطور.
ما أهم التجارب الصحفية والشخصية التي نالت إعجابك في تدقيق الحقائق.. ولماذا؟
- لن أجيب عن هذا السؤال.
إذا كنت تفضل إخبار الصحفيين على أداة سهلة وبسيطة لتدقيق عملهم، فما هي ؟
- العقل هو أهم أداة، فهي أهم من أي وسيلة أخرى يمكن استخدامها، فهي الأداة التي يمكن من خلالها وضع فرضية وتلاحظ وتقرأ وتستنبط وتستوعب المعلومات كافة.
بماذا تحلم؟
- أحلم بوجود مبادرات قوية تعمل على التربية الإعلامية والتحقق من المعلومات بشكل احترافي بعيدًا عن "الأدلجة" - بمعنى أنه غير مستقل - فالإعلام يعمل حسب الجهة الممولة، فنحتاج إلى وجود شفافية ولن أقول حيادية أو موضوعية، لكن نحتاج لوجود إعلام يشعر بالمسؤولية، فالأدلجة تضر بالمعلومات دائمًا، واحترام أعقل الناس والجمهور لأنها مسؤولية كبيرة.
بشكل أكاديمي وأنت تُدرس للطلاب المواد المتخصصة في التحقق والإعلام الرقمي، هل المواد التعليمية والمناهج المصرية والعربية تتواكب مع احتياجات الصحفيين والمدققين؟
- أرى أن المقررات غير متواكبة وتحتاج إلى تغيير وليس في التدقيق فقط، بل في كل التخصصات وتصبح محدثة، وأنا أعمل على تدريس هذه التخصصات بمقررات كاملة في هذا المجال وفي الجامعات مثل الأكاديمية العربية وكلية الآداب جامعة الإسكندرية وقمت بتأسيس مساقات تدريبية وتأليف مقررات متخصصة وندرب عددًا من الصحفيين بالتعاون مع مؤسسات دولية، ونعمل مع مدققي معلومات وتكوين فرق عمل للتحقق وسياسيات التصويب ونتمنى أن يكون هناك وقت حتى نكثف العمل في هذا المكان، وأنا سعيد بنشرة "النيوزليتر" ومحتواها وأتمنى تقديم المزيد.
13 خطوة من "المحررين المصريين" قد تسهل عليك عملية التحقق
1- مراقبة الشبكات الاجتماعية بشكل مستمر (فيسبوك، تويتر، يوتيوب، إنستجرام، وغيرها).
2- تحديد وفهم "الترندات" وذلك باستخدام عدد من الأدوات التقنية مثل Hootsuite وTweetdeck وTrendsmap وغيرها لإنشاء مجموعات من القوائم والتعامل السريع مع الموضوعات التي يهتم بها الجمهور.
3- بناء شبكة من المصادر حتى يتم التعامل معها بسرعة عند انطلاق الأخبار العاجلة، وهو مسألة تقلل المجهود المطلوب عند تغطية مثل هذه المواقف.
4- استخدام مجموعة من الأدوات التقنية مسألة مهمة في حالة التحقق من الصور مثل TinEye وGoogle Images وغيرها.
5- التحقق من المصادر- بالحديث معهم ومراجعة إجاباتهم مع ما تعرفه من معلومات السوشيال ميديا.
6- التحقق من المصادر- بمراجعة تاريخهم عبر الشبكات الاجتماعية المختلفة.
7- استخدام أدوات مثل Whois للتحقق من معلومات المواقع الإلكترونية.
8- استخدام الأدوات التقنية للتحقق من الصور وعدم التلاعب بها.
9- تطبيق قاعدة "جيد جداً لدرجة لا يمكن تصديقها" على ما تتعامل معه.
10- لا تتسرع في النشر قبل التحقق مهما كان الوقت ضاغطاً.
11- احصل على موافقات أصحاب المحتوى الاجتماعي قبل استخدامه في القصة الصحفية.
12- من المهم أن تذكر في القصة مستويات التحقق التي قمت بها لتأكيد المعلومات.
13- إذا تأكدت من وجود أخطاء بعد النشر أو ظهرت معلومات جديدة لا تتردد في التصويب.